اجتمع الصحفيون والمبدعون في قلب الحوز بآسني أمس الاثنين 27 يناير 2025، ليُكملوا فصول الكتاب الجماعي “على مقياس ريختر؛ ما لم يُروَ في تغطية الصحفيين لزلزال الحوز”. في المكان نفسه الذي دمرت فيه الأرض، وأحدث الزلزال آثارًا أعمق من مجرد تشققات في الجدران.
استعاد الصحفيون ذكرياتهم ورواياتهم، وأعادوا من خلال الحروف ما عجزت الصور عن نقله. ففي تلك اللحظات التي غيرت مجرى حياتهم وحياة أهل المنطقة، تجسدت معاناة لم تنتهِ، بل تم توثيقها ليبقى ألمها في الذاكرة إلى الأبد. لم تكن الكتابة عن الزلزال مجرد تقرير صحفي أو تسجيل للأحداث. كانت تجربة حقيقية، إنسانية، ومتقلبة، حيث عايش الصحفيون جزءًا من الألم والحزن، وبحثوا عن الكلمات في قلب الفوضى والدمار.
الصحفيون في الحوز: الشهادة على الجرح الذي لا يُشفى
الصحفيون الذين شاركوا في الكتاب، يتذكرون تلك اللحظات وأجمعوا على القول: “لم يكن لدينا وقت لتفكير طويل أو لكتابة التقارير بشكل تقليدي، كانت الأيدي ترتجف والأعصاب مشدودة. كنا نشعر بما يشعره أهل المنطقة، ولكن كان علينا أن نكمل العمل، أن نسجل التفاصيل، لنروي للآخرين ما يعيشه هؤلاء الناس.”
كانت الكتابة في الحوز في تلك اللحظات تتطلب أكثر من مجرد نقل المعلومات. إنها كانت بمثابة التوثيق للألم، و الوفاء للذاكرة، وفوق ذلك، كانت اختبارًا للصحفيين في كيفية التعامل مع إنسانية الحدث وكيفية ترجمة الكارثة إلى كلمات دون أن تنطوي على جرحٍ أكبر للمجتمع المحلي.
إيمان بلامين وصفت التحدي الصحفي في الحوز: “كانت اللحظات الأولى صعبة. لم يكن هناك ما يضمن لنا الوصول إلى الضحايا أو التحدث إلى الشهود. كنا نتحرك في مناطق منكوبة، وكانت أعيننا تراقب كل شيء، ولا نعرف كيف نبدأ الكتابة. ولكن، مع مرور الوقت، ومع دعم السكان المحليين، أدركنا أن الكتابة عن هذا الزلزال ستكون شهادة لا يمكننا التراجع عنها.”
حين اجتمع الصحفيون لتوقيع الكتاب في الحوز، كانت اللقاءات حافلة بالمشاعر والذكريات، حيث تحدث الجميع عن تجربة التغطية، وما عايشوه من صعوبة في الوصول إلى الحقائق وسط الدمار والفوضى. لقد كانت المنطقة في حالة انهيار، وكان الصحفيون يعملون في ظروف صعبة للغاية. ولكن، رغم ذلك، كانت تلك الأيام تكشف لنا عظمة الصمود والتضامن بين الصحفيين والمجتمع المحلي.
ورغم التحديات المهنية التي واجهها الصحفيون في جمع المعلومات وسط الصعوبات اللوجستية، فإنهم أجمَعوا في مداخلاتهم وتفاعلهم مه تساؤلات الحاضرين والحاضرات على أن الأهم كان أن نكون صوتًا للمجتمع الذي تأثر بهذه الكارثة. كما أكدوا على أن الكتابة عن الزلزال لم تكن مجرد نقل للحدث، بل كانت واجبًا إنسانيًا من أجل توثيق ما حدث وكيف عاشه الناس.
التوقيع في الحوز: وقفة أمام الذاكرة الجماعية
في تلك اللحظة، في قلب الحوز، كان التوقيع ليس مجرد إتمام لفصل كتابي، بل كان تأكيدًا على ارتباط الصحفيين بالمنطقة وبأهلها. فبينما كانت القلوب لا تزال تحمل آثار الزلزال، كانت أيدي الصحفيين تكتب وتوقع على الكتاب، في نفس المكان الذي وُلدت فيه فكرة الكتاب.
“في الحوز هناك قصص أخرى تُروى”، هكذا قال أحد المساهمين في الكتاب. لكن توقيع الكتاب كان قصة أخرى تمامًا، قصة تستحق أن تُروى، قصة تضاف إلى سجل الذاكرة الجماعية التي لا يمكن تجاهلها. وكانت تلك اللحظة بمثابة احتفاء بالحياة والأمل، رغم كل الألم الذي تعرضت له المنطقة.
“لقد عاد أصحاب الكتاب إلى الحوز، وكلهم أمل أن تُرمم الجراح التي لم تُلملم بعد”، وكانت الكلمات التي تُليت في توقيع الكتاب، واللقاء مع أهل الحوز، تجسد التجربة الصحفية والإنسانية التي عاشها الصحفيون، لتبقى تلك الذكريات أمانة حية في وجدانهم ووجدان كل من شهدوا تلك اللحظات.